Loading...

حقيقة الجوهرة اللامعة

حقيقة الجوهرة اللامعة

الرجل الفقير والجوهرة

حقيقة الجوهرة اللامعة، كان يا مكان في قديم الزمان كان هناك رجلٌ يعيشُ في فقرٍ مدقع، وبينما هو يمشي في الطرقات ضاربًا الأرض باحثًا فيها عن ما يسد به رمق عياله ويغلق به أشداقهم، فإذا بشيء يلمع على الأرض، اقترب الرجل من ذلك الشيء اللامع ومن ثم فَرَكَ عينيه غير مصدقٍ لما رأى.

صائغ الجواهر

آه جوهرة ثمينة تشبه بلمعانها كل شيء جميل، حملها الرجل وذهب وكله أمل وأحلام جميلة، ويرى بين مقلتيه صغاره الجياع يتراكضون أمامه فرحين بما يحمله من أكياس وحاجيات لطالما طلبوها منه ولم يتمكن من إحضارها، كما رأى زوجته تقف في المطبخ تطهو الطعام وعيناها تبرقان بكل حب، وتقلب اللحم والأرز وتفكر أي أنواع السلطة ستعدُ لهم هذا المساء، وبينما هو غارقٌ في تفكيره إذ مرّ بأول صائغ للمجوهرات وعرض عليه القطعة اللامعة وكله شغف لما سيقدرهُ من ثمنها.

إقرأ أيضًا: ثمن الجرح

حقيقة الجوهرة اللامعة

صَدَمَهُ قول الصائغ بعد معاينته الجوهرة، فقد قال له: إنها ليست بجوهرة وإنما هي شيءٌ مزيف لا يساوي بضع قروش. صُدم الرجل بكلامه ولم يشأ أن يصدق، وإنما أخذ جوهرته وذهب وهو يشتمُ الرجل بكل عبارات الحنق والغضب، كما اتهمه بأنه سارقٌ حقير ينوي سرقته، ولكن هيهات أن يسمح له بذلك.

احتضن الرجل جوهرته بكل قوة وغادر المحل قاصدًا غيره، وما إن وصل الصائغَ الثاني حتى أخبره بنفس الكلام، ولكن الرجل الفقير لم يبالي بما قال وفعل معه كما فعل مع الصائغ الأول، من شتم وسب وقذف واتهامات باطلة، تنقل الرجل بين أربع محال على التوالي وفي كل محل يواجه الأمر ذاته.

إقرأ أيضًا: جبل بيننا

ما إن وصل الصائغ الأخير حتى توسّم فيه خيرًا؛ إذ شعر أنه من خيرة الرجال وأنه بملامحه تلك لن يغشه أبدًا، فأخبره بحاله وبما واجه ممن كانوا قبله، فأمسك الصائغ الطيب الجوهرة الثمينة وتمعَّنها جيدًا، وقال للرجل بصوتٍ واثق: إنها فعلًا يا عزيزي لا تقدر بثمن، طلب الرجل الفقير من الصائغ شراءها وكله حماس، فقال له الرجل: قلت لك أنها لا تقدر بثمن وأنا من أين لي ثمنها، ولكنني سأدلك على من يشتريها، وهو الملك فهو الوحيد في هذا العالم من يستطيع شرائها، ولكنه ليس هنا ولا أعلم متى يصل.

شعر الفقير بالحماسة مما سمعه، فبادره الرجل قائلًا ما رأيك لو تعمل لدي وأعطيك كل يومٍ ما يكفيك ويكفي عيالك وأعلمك الصنعة، ويصبح لك موردٌ مادي تنفق منه على نفسك وعيالك إلى أن يجيء الملك ويشتري منك جوهرتك الثمينة، وافق الرجل فورًا وبدأ عمله عند الصائغ الطيب، وبدأ الصائغ يعلمه حتى أتقن الرجل الفقير تمييز الجواهر الحقيقية من المزيفة.

إقرأ أيضًا: خاطرة زمن الأرانب

عودة الملك إلى الوطن

وما هي إلا عدة شهور حتى عاد الملك إلى الوطن، سمع الرجل بذلك وذهب يهرول إلى جوهرته، ولكنه توقف وقرر فحصها والتأكد منها قبل عرضها على الملك، وما إن بدأ الرجل الفقير يفحصها حتى صُدم من هول ما اكتشف؛ وهو أنّ جوهرته الجميلة لا تساوي شيئًا فهي مزيفة وبالكاد تستحق بضع قروش، عاد إلى معلمه خائبًا معاتبًا، وقال له: لِمَ لَمْ تخبرني بالحقيقة يا سيدي؟ لم جعلتني أحلم طوال هذه الشهور؟ قال له الصائغ: يا عزيزي لو أخبرتك كما أخبرك السابقون لَطَفِقْتَ تمشي في الأرض باحثًا عمن يخبرك بما تريد، ولكنني آثرتُ أن أخبئ عنك الحقيقة حتى تتعلم حرفةً تقتاتُ منها أنت وعيالك، وحتى تختبرها وترى زيف الأشياء بنفسك.

إقرأ أيضًا: خاطرة لا تحزني

العبرة المستفادة من قصة حقيقة الجوهرة اللامعة الجميلة أنّ ليس كل ما يلمع ذهبًا؛ فكم من الأشياء اللامعة والتي تكون زائفةً بحقيقتها ولا تساوي شيئًا في سوق الحياة تمامًا كما البشر منهم ما هو رائعٌ بمظهره ولكنه يخفي من الزيف الكثير، ومنهم ما هو لامعٌ كالذهب والجواهر ويخفي في داخله معادن نفيسة، لا يكفيها المال ولا الأملاك ليفي بثمنها.

1 Comment

  1. صدقت و احسنت النشر . سلمت يداك بما خط قلمك 👍

    Ameera

    ديسمبر 1, 2021 الساعة 1:30 ص

Leave a Reply