مملكة النحل، تتكون الأنظمة البيئية من مجموعة كائنات حية كالإنسان والحيوان والنبات، وغير حية كالماء والهواء والتربة، كلٌ يؤدي وظيفته وغايته التي خلق من أجلها، وسنتحدث في مقالنا اليوم عن نوع من أنواع الحشرات التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم وهي النحل، التي بالرغم من صغر حجمها إلا أن لها دورًا كبيرًا وفعالًا في النظام البيئي.
مملكة النحل
جمعها نحل، ومفردها نحلة، والاسم العلمي له (Anthophila)، وهي عبارة عن حشرات تنضم لمجموعة غشائيات الأجنحة، من وظائفها التلقيح وإنتاج العسل، ويعرف ما يقارب (20.000) نوع منه، ينتشر وَيتوزع في جميع أنحاء العالم، عدا القطب الجنوبي، يعد معظم النحل من الحشرات الاجتماعية التي تعيش في مجتمع متعاون وَضخم، إلا أن نسبةً كبيرة منها انعزالي وله سلوكيات مختلفة، ويعد النحل المُنتج الأساسي للثروة الغذائية في البيئة، إذ قال العالم الألماني أينشتاين عنه: “إذا اختفى النحل من كوكب الأرض فلن تبقى للإنسان إلا سنوات قليلة للاختفاء بعده”.
إقرأ أيضًا: شجرة المنشينيل شجرة الموت
مكونات مملكة النحل
تتكون خلية النحل من ثلاثة أجزاءٍ مهمةٍ، تكمل بعضها بعضًا، ولا يمكن الاستغناء عن أي مكون منها، وهي كالتالي:
أولًا: الملكة
الملكة، وهي الأنثى الوحيدة التي تستطيع أن تضع البيض، وتتكاثر في الخلية.
ثانيًا: العاملات
وهي الإناث التي تقوم بجميع أعمال الخلية، وهي إناثٌ عقيمة لا يمكنها أن تنتج البيوض؛ بسبب طبيعة تكونها، لا يتجاوز عمر هذه العاملات (21) يومًا داخل الخلية، وتقوم بتنظيم أعمالها بدايةً من رعاية اليرقات، وتنتهي بقيامها بجمع الرحيق، ومن أهم الأعمال التي تقوم بها:
- تقوم بِتربية اليرقات.
- تجمع الغذاء.
- تقوم بإنتاج العسل وتخزينه.
- تعمل على الدفاع عن الخلية وحمايتها.
ثالثًا: الذكور
دور الذكور في الخلية هو تلقيح الملكات الجديدة خلال فترة التزاوج.
تاريخ إنتاج العسل
كان للنحل علاقةٌ دائمةٌ على مر العصور مع الإنسان، منذ أن بدأ ظهوره على الكرة الأرضية، مما جعل الإنسان يفكر في كيفية الاستفادة منه واحتوائه، فمارس حينها أعمال تربية النحل، إذ أن المصريين هم أقدم من نجحوا في ترويض النحل ودَجنوه، وذلك قبل (4500)عام، وسجلوا ذلك على الجدران في المعابد، وبعد ذلك ظهرت مهنة تربية النحل أو ما يعرف بِالنحالة، وهي المهنة التي تختص بِتربية النحل ومعرفة كيفية تَكاثره، والقيام بِجمع العسل الذي أنتجه.
أصناف وأنواع النحل
تختلف أنواع النحل وتصنف حسب السلالات التي يتبع لها النحل، وسَنتعرف هنا إلى بعض الأنواع والسلالات الموجودة في العالم:
السلالات الإفريقية
تنقسم هذه السلالات إلى عدة أجزاء، وهي كالآتي:
سلالة النحل المصري
- يستقر هذا النوع من النحل في مصر.
- لونه أصفر مع الزغب الأبيض.
- من صفاته المميزة أنه شديد الشراسة.
- ينتج هذا النوع من النحل اللقاح بكثرة.
- له قدرة عالية على مقاومة الأمراض.
نحل الكيب
- يتواجد هذا النحل في جنوب إفريقيا، في مدينة كيب تاون.
- سمي هذا النوع من النحل ب(الكيب) نسبة لاسم المدينة.
مملكة النحل المغربي
- من مسمياته نحل التليان.
- مَكانه بلاد المغرب وليبيا.
- لون النحل أَسود، وحجمه صغير.
- من مميزاته أنه ينتج عسل فائق الجودة، حتى في الظروف الجوية السيئة.
النحل الأفريقي
- يُلقب هذا النحل بالنحل القاتل، لأنه شديد الشراسة.
- هو من أنواع النحل التي تتواجد في قارّة إفريقيا بشكل عامّ، ويوجد ما بين السنغال، ومالي والنيجر بالإضافة إلى زائير.
- ويتميز هذا النحل بصِغر حجمه، نسبةً إلى الأنواع الأخرى.
السلالات الأوروبية
تصنف هذه السلالات إلى أنواع عدة، ومنها:
النحل الألماني
- يعيش هذا النوع من النحل في المناطق الباردة في ألمانيا، وشمال أوروبا.
- يمتاز بِلونه الداكن (الأسود)، وكبر حجمه، إضافةً إلى طبعه الحاد.
- قام النحالة بِتهجين هذا النوع من النحل مع العديد من السلالات الأخرى.
سلالة النحل الكرنيولي
- يعيش في شمال يوغسلافيا، وجنوب جبال النمسا.
- من مميزاته أنه متوفرٌ بكثرة، وينمو بسرعة كبيرة، خاصةً في الربيع، إضافةً إلى أنه ينتج العسل بِكثره.
- لونه رمادي؛ ولون شمع العسل الذي ينتجه أبيضًا ناصعًا.
مملكة النحل الإيطالي
- هي من السلالات المميزة جدًا.
- يعتبر العسل الإيطالي من أكثر أنواع العسل الذي يحتوي على صفات خاصة ومميزة، إلا أن نوعه غير متوفر مقارنةً مع أنواع العسل الأخرى، وذلك لأن النحل يتغذى على هذا العسل قبل أن يؤخذ من الخلية.
السلالات الشرقية
هناك الكثير من أنواع النحل الشرقية، وهنا سنعرض بعضًا منها:
سلالة النحل القوقازي
- يوجد هذا النوع من النحل في جبال الأورال، وبلدان القوقاز، إضافة ً إلى أوروبا الشرقية.
- يعد من أهم السلالات المنتشرة حول العالم.
النحل الفلسطينيّ
- يطلق عليه نحل (الأراضي المقدّسة).
- يشبه النحل المصريّ، والسوريّ في بعض الصفات.
سلالة النحل القبرصي
- يعتقد أن هذا النوع من النحل هو ناتج عن تهجين السلالة الإيطالية والسورية والفلسطينية معًا.
- لونه أصفر، ومن صفاته أنه شرسٌ نوعاً ما.
النحل السوري
- يستقر هذا النوع في سوريا ولبنان.
- يُشبه بالنحل الإيطالي، والقبرصي بعض الشيء.
- ذا لونٍ أصفر، ويتميز بأنه وشرس جداً، إضافة إلى صغر حجمه.
فوائد النحل
تتعدد فوائد النحل وتختلف ومنها ما تعد فوائد علاجية ومنها الفوائد البيئية، إضافة إلى فوائدها الغذائية، وإليكم بعض هذه الفوائد:
نقل حبوب اللقاح
يساعد على زيادة المحاصيل الزراعية على اختلافها، وذلك عندما يقوم بنقل حبوب اللقاح، وهي عملية ضرورية لاستكمال مراحل نمو الثمار.
إنتاج العسل
يعمل النحل على إنتاج مختلف أنواع العسل الطبيعي، ويعتبر من الأغذية الصحية المفيدة لِجسم الإنسان.
لسع النحل
تستخدم لسعات ومنتجات النحل كَوصفات علاجية مهمة في الطب البديل.
صنع الأدوية
هناك الكثير من النباتات التي يقوم النحل بتلقيحها تستخدم في صناعة الأدوية.
شمع العسل
عندما يصنع النحل العسل ينتج الشمع لتخزين العسل فيه، وهو عبارة عن مادة قابلة للاشتعال، وله فوائد عدة سَنعرضها في هذا المقال.
المساهمة في زيادة الإقتصاد
إذ يُساهم النحل ب (40) مليار دولار سنويًا، وذلك لِعام 2010، كما وتوفر مهنة تربية النحل (النحالة)، دخلًا ماديًا جيدًا للمربي وعائلته.
إقرأ أيضًا: تربية النحل وإنتاج العسل
ظاهرة اختفاء النحل المفاجئة
في عام (2006) ظهر ما يعرف بِمرض اعتلال خلايا النحل، وهو مرض يصيب نحل العسل، وكانت بداية ظهور هذا المرض في أمريكا الشمالية، وبعد ذلك سجلت أوروبا ظهور بعض الحالات في عام (1998)، وهذه الحالة تُعرف باختفاء خلايا النحل، فَتختفي العديد من العاملات فى الخلية، تاركةً وراءها الملكة وعددٍ صغيرٍ من العاملات والقليل من الغذاء، وتؤدي هذه الظاهرة إلى خسائر اقتصادية كبيرة خاصةً لِلنحالة ومنتجي العسل، وتكون النتائج أكثر عمقًا إذا وقعت في موسم الربيع والصيف، وهي فترة إنتاج العسل.
أما في مصر فقد بدأت تلك الظاهرة (ظاهرة اختفاء عاملات خلايا النحل) بِالانتشار خلال عام (2019)، وأكدت دراسات النحالين الذين قاموا بفحص خلاياهم ليجدوا أنها سليمة وفي حالة جيدة، لكن بعد أيام من الفحص لاحظوا ظاهرة اختفاء الخلايا كاملة، وأوضحت بعض التقارير أن سبب هذا الاختفاء يعود لعدة أسباب من أهمها:
- أنه يتم استخدام بعض أصناف المبيدات الحشرية، التي لها تأثير سلبي على نحل العسل والنحل البري بشكل عام.
- عث الفاروا (Varroa mites)، وهو عبارة عن طفيلي صغير الحجم، يتهجم على يرقات النحل وَيضعفها، وقد يعمل على تغيير سلوكها، لذلك فهو يُعد القاتل الأساسي للنحل في العالم حاليًا.
- مرض النوزيما ويعرف بِ(Nosema apis)، فهو مرض يسببه طفيلٌ وحيد الخلية، وصنف أنه أحد أنواع الفطريات، إذ قامت وزارة الزراعة الأمريكية بِتصنيفه كأحد أهم عوامل انتشار ظاهرة اختفاء نحل العسل.
- الاحترار العالمي، ويُعرف أيضًا (بتأثير الصوبة الزراعية)، إذ تشير بعض الدراسات أنه أحد مسببات ظاهرة الاختفاء المفاجئة، وذلك لأن لدرجة الحرارة والرطوبة تأثيرٌ كبير على حشرة النحل.
- المحاصيل المعدلة وراثيًا، إذ أن لها دور كبير في اختفاء النحل؛ وذلك لأن الرحيق المعدل من المحتمل أن يؤثر سلبًا على سلوك العاملات، ويمنعها بطرقٍ معينة من العودة إلى الخلايا التابعة لها.
إقرأ أيضًا: نبتة القرطاسية أبرز فوائدها وأضرارها
فوائد شمع النحل
شمع العسل هو عبارة عن مادة ينتجها النحل على شكل خلايا سداسية، لغرض حماية العسل وتخزينه، وله فوائد كثيرة وعظيمة، ومنها:
استخداماته منذ القدم
قام الإنسان منذ القدم باستخدام شمع العسل لعدة أمور، ومن أهمها:
- تم استخدامه لِصناعة الشموع.
- يُستعمل شمع العسل كَزيت للتشحيم، ودهونٍ على الجلد أو الأقمشة.
- استخدم أيضًا كمادة لِختم الأجبان والمواد الغذائية المحفوظة؛ وذلك لإنه صالحٌ للأكل وغير سام.
- صنعوا منه مرطبات الجلد أو الخشب؛ حيث أنه يحافظ على الرطوبة ومنع الجفاف والتقشر.
- بالإضافة إلى أنهم استعملوه كمادة لتثبيت قطع الأثاث؛ لأنه يمنع وصول الهواء والرطوبة للأدوات المعدنية، كما ويُستخدم أيضًا لتسهيل الخياطة أيضًا.
من أهم استخداماته الحالية
ما زال شمع العسل يستخدم حتى وقتنا الحاضر، فقد زاد استخدامه والطلب عليه؛ نظرًا لِفوائده الكثيرة، ومن أبرزها:
- يحتوي موادًا مضادةً للأكسدة، تحمي الكبد من العديد من الأمراض، كما ويساعد على تخفيف أعراض مرض تشمع الكبد.
- يحمي الجلد من التجاعيد والتشققات، لأنه يحتوي على فيتامين(أ)، الذي يفرز مادة الكولاجين.
- يعتبر مقوي للقلب؛ وذلك لأنه يخفض نسبة الكولسترول في الدم، ويعمل على توسيع الأوعية الدموية.
- يعتبر علاج فعال للسعال عند الأطفال فوق عُمر السنة؛ وذلك لاحتوائه على فيتامين(ج).
- علاج فعال للفطريات والحكة التي تصيب الجلد.
- يساعد على علاج حب الشباب، وله فوائد أخرى تساعد على تنقية البشرة.
إقرأ أيضًا: فوائد القسط الهندي وأضراره
فوائد العسل
فوائد العسل كثيرة ومتعددة، وإليكم بعضها:
مصدر من مصادر الطاقة الغذائية
العسل مادة غذائية ذات قيمة عالية، ويستخدم كغذاء للإنسان كبيرًا كان أم صغيرًا.
مادة مُحلية طبيعية
العسل هو المادة الوحيدة المُحلية التي لم يصنعها الإنسان، ويمكن حفظ العسل مطولًا عند تخزينه بالشكل الصحيح، ومن فوائده أنه يعوض السكريات المستهلكة في جسم الإنسان؛ بسبب أي عمل وجهد قام به.
مضاد للميكروبات والجراثيم
يشبه العسل المضادات الحيوية التي تعمل على قتل الكثير من الميكروبات والفطريات والفيروسات، كما أنه يقلل من التسممات والالتهابات.
يعمل على خفض مستوى الدهون في الجسم
إذ أن له دور مهم في علاج مشاكل السمنة، وأمراض القلب وتصلبات الشرايين، بالإضافة إلى تقليل نسبة الكوليستيرول والدهنيات الموجودة في الدم.
يقي من أمراض الجهاز الهضمي
لا يتخمر العسل في المعدة، على عكس السكريات المكررة والبسيطة مثل السكروز، ولذلك فهو لا يبقى طويلًا لأنه سريع الهضم، حينها لا يشكل أي خطر على صحة الإنسان.
علاج لبعض الامراض
يعتبر علاج فعال لحالة عسر الهضم، وكذلك الإمساك، بِالإضافة إلى أن الأطباء استعملوه لِعلاج قرحة المعدة والاثني عشر.
إقرأ أيضًا: ما هو القنفذ الكائن اللطيف الفتاك
إلى هنا، نكون قد وصلنا لنهاية مقالنا هذا حول مملكة النحل، وعرفنا أن الخلية تتكون من الملكة، والعاملات والذكور، وحددنا وظيفة كل مُكون منها، إضافة إلى أننا ذكرنا لكم تاريخ إنتاج العسل منذ القدم، وتحدثنا عن سلالات وأنواع النحل المختلفة، وبعض صفات كل نوع، كما وذكرنا لكم فوائد كلٌ من النحل، وشمع العسل، والعسل أيضًا، فالنحل من مكونات البيئة المهمة جدًا والذي يقوم بدور لا يمكن تجاهله نهائيًا.